كتاب الملك سلمان
نشـــأ خـــادم الحرميـــن الشـــريفين الملـــك ســـلمان بن عبدالعزيـــز - يحفظـــه اللـــه - فـــي بلـــد عظيـــم يســـتظل برايـــة التوحيـــد، ويتخـــذ مـــن القـــرآن والســـنة دســـتورًا، ويتمســـك بالإســـام منهجًـــا وســـلوكًا، وفـــي مجتمـــع يفيـــض رحمةً وإنســـانيةً علـــى كلّ محتـــاج، ويتقرب إلى اللـــه بتعاونـــه علـــى البِـــرّ والتقـــوى والتكافـــل والعطاء، فانغرســـت تلـــك القيـــم وباتت أمـــرًا مركوزًا في نفســـه وشـــخصيته، وزاد مـــن رســـوخها وثباتهـــا وتمكّنهـــا حيث تربّـــى وتعلّم في مدرســـة والـــده القائـــد الملهم الملك عبدالعزيـــز بن عبدالرحمن آل ســـعود، مُؤسّـــس المملكة العربيـــة الســـعودية، الـــذي عُـــرِف عنـــه العـــدل والرحمـــة ونصـــرة المظلومين والتكافل والبـــذل والعطاء، وتآزرت مـــع تلـــك القيم التي تشـــرّبها خادم الحرمين الشـــريفين الملـــك ســـلمان بـــن عبدالعزيـــز ســـجايا وخِصـــال ذاتيـــة كريمـــة، يصطفـــي اللـــه بهـــا مَن يشـــاءُ من عبـــاده، تلك التـــي تجلّـــت في سُـــموّ روح ونـــور قلب وتُقـــى نفس، تُســـارع في الخيرات، مجبولة علـــى البذل والإنفاق دون مَـــنّ ولا أذى. فـــا عجـــبَ إذًا أن يتملك العمل الخيري أقطار نفســـه وعقلـــه ووجدانـــه حفظـــه اللـــه، وأن يتحوّل معـــه العمل الخيـــري مـــن عمـــل إنســـاني بحـــت إلـــى عمل إنســـاني مؤسّســـي يتســـم بالديمومـــة والاســـتمرار، فضـــاً عـــن الرؤيـــة الشـــاملة والأهـــداف المرحليـــة والخُطـــط المســـتقبلية المدروســـة. لقـــد أدرك خادم الحرمين الشـــريفين منـــذ وقت مبكر أن التصـــدي للعمـــل الخيـــري بمفهومـــه الشـــامل مع ما فيـــه مـــن أعبـــاء ومســـؤوليات جِســـام، ما هـــو إلا عمل عظيـــم له رجاله الذين يؤمنون به ويســـعون إلى تحقيق أهدافـــه؛ ومـــن ثَـــمّ يُدركـــون الطريـــقَ الـــذي يوصّلهـــم إليـــه، والنهـــج الذي يســـيرون عليه، مُســـتعينين بالله ثم بعزيمتهـــم وصبرهـــم وثقتهم بأن اللـــه لا يضيع أجرَ من أحســـن عمـــاً، وأنه تعالى في عَوْن العبـــد ما دام العبد في عـــون أخيه. إنه حســـب مـــا تقدّم، فإنّ خـــادم الحرمين الشـــريفين (حفظـــه اللـــه) يعي - شـــأن كل المخلصيـــن- أنّ تخفيف الألـــم والمعانـــاة عـــن المحتاجيـــن فـــي كل زمـــان ومكان وإدخـــال الفـــرح والســـرور عليهـــم لايضاهيهمـــا فِعْـــلٌ؛ الأمـــر الـــذي جعلـــه - حفظـــه اللـــه - يدعـــم هـــذا العمـــلَ معنويّـــا وماديّا، ويتعاطف مع المســـتفيدين منه، وهو مـــا يدلنـــا عليه الدفوعـــات المتتاليـــة من الدعـــم المادي، التـــي شـــملت كلّ أرجـــاء ونشـــاطات العمـــل الخيـــري، وهـــو مـــا يمكـــن أن تســـتدل عليه من قـــراءة واســـتقراء خُطب وأقـــوال وأفعال خادم الحرمين الشـــريفين الملك ســـلمان في أثناء مســـيرته الطويلة، تلـــك التي تعكس أهـــم المرتكـــزات التـــي شـــكّلت رؤيتـــه الشـــاملة للعمل الخيـــري ومفهومه وأنواعه وأســـاليبه. مع التســـليم بأن مـــا نُقدّمـــه لا يعـــدو أن يكون ســـطرًا في كتـــاب وغيضًا مـــن فيض نهـــر العطاء، وما يؤكّد ذلك هـــو تاريخ العمل الخيـــري المؤسّســـي فـــي المملكـــة العربية الســـعودية وتنوّعه وســـعة نطاقه، الذي يقف شـــاهدًا على شموخ وتميّـــز جهـــود الملك ســـلمان بن عبدالعزيز فـــي ميادين الأعمـــال الخيرية. ومنـذ أن كان خـادم الحرميـن الشـريفين الملك سـلمان بـن عبدالعزيـز - حفظـه اللـه - أميـرًا لمنطقـة الريـاض، رؤية ملك قائد 179
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy NjYyNTc4