كتاب الملك سلمان
تعَـدّ الكتابـة عـن أصحـاب التحـوّلات الكبـرى والنقلات المجتمعيـة العظمـى حديثًـا يطـول، لا تسـعه صفحـات أو سـطور، ولا سـيما إذا كان الحديـث عـن شـخصية عظيمـة ونفسكريمة مثل خادم الحرمين الشريفين الملكسلمان بـن عبدالعزيـز آل سـعود (حفظـه اللـه)، فـإذا كانت النفوس كبـارًا، والأهـداف سـامية، والعزائـم والهمـم باسـقات، فمهمـا أخلصنـا فـي البحـث فـي أقطـار تلـك الشـخصية الكريمـة بسـماتها وإنجازاتهـا؛ فلـن نسـتطيع الإحاطـة بهـا واستشـراف مداهـا، وهـو مـا يفرضـه علينـا تنـاول تلـك الشـخصية بـكل آفاقهـا وأعماقهـا بصبـرٍ وتـأنٍ، محاوليـن قـدر اسـتطاعتنا ألا يسـتأثر بالاهتمـام جانـبٌ دونَ جانـب أو يأسـرنا عطـاءٌ دون آخـر، مـع إدراكنـا التـام أن مـا نُقدّمـه عـن خادم الحرمين الشـريفين سـلمان بن عبدالعزيز لا يعدو أن يكـون غيضًـا مـن فيـض، وغَرْفـة مـن نهـر. ورغـم مشـقة البحـث والتوصيـف لشـخصية بتلـك السـمات والإنجـازات، إلا أن هنـاك متعـة لا تدانيهـا متعـة، تدفعنـا إلـى محاولـة استكشاف آفاقها، إذ كلما أبحرنا تكشّفت لنا آفاقسامقة مـن امتيـازه وإنجـازه. إن دراســة نشــأة وشــخصية خــادم الحرميــن الشــريفين يحفظــه اللــه - بمراحلهــا وشــموليتها تُصنّــف فــي نطــاق «الســهل الممتنــع»؛ فهــي ســهلة لوضــوح الرجــل وتواضعــه وليــن جانبــه مواطنًــا وأميــرًا وملــكًا، وممتنعــة بسـبب عُمـق الرجـل وعلـو همتـه واتسـاع آمالـه وطموحاتـه التــي لا تحدّهــا الحــدود. ً - الأمير سلمان بن عبدالعزيز: أول 31 هـــ الــمــوافــق 1354 فــي ال ـخـامـس مــن شــــوال م، وهـــــب الـــلـــه الــمــلــك عــبــدالــعــزيــز 1935 ديــســمــبــر والأميرة حصة بنتأحمد السديريمولودًا أسمياهسلمان، فكان له من اسمه نصيبٌ؛ فقد وُلِـد في الرياض بُعيد توحيد أجزاء الدولة ولمّ شتاتها في كيانٍ واحدٍ (المملكة العربية السعودية)، ومـا تبع ذلـك من سـام واستقرار وأمن للمواطنين فيطول البلد وعرضها. نشـأ الأميـر سـلمان بـن عبدالعزيـز آل سـعود فـي كنـف والديـه يُعلّمانـه ويُدرّبانـه ويُغرسـان فـي نفسـه طيـبَ الخِصـال وكريمهـا. ورغـم صغـر سـنّه كان الفتـى سـلمان بدافع ذاتي منه وتشجيعٍ ومتابعة من والديه يداوم على حضـور مجالـسوالـده، هـذه المجالـس كانـت بحـقّ كجامعـة يُكتسـب فيها مختلفصنوف العلوم والمعارف ويُتداول فيهـا شـتى القضايـا مـنسياسـية واقتصاديـة واجتماعيـة وغيرهـا، وكان سـلمان بـن عبدالعزيـز حريصًـا على مجالسـة أولي الأحلم والنّهى، كثير الالتصاق بالعلماء والمفكرين والأدباء في مجالس والده رحمه الله؛ ممّا أكسـبه معارف وتجـارب وخبـرات أعانتـه فـي مسـيرة عطائـه لبلـده وأمتـه، بعـد توفيـق اللـه وعونـه، علـى الحكمـة والرّشـد وصحـة التخطيـط وحُسْـن قـراءة الواقـع واسـتقراء المتوقـع. التحق بمدرسة الأمراء بمدينة الرياض، وكانت المدرسة تهتـم بمتابعـة وتطبيـق النظـام والقواعـد المدرسـية علـى الأمـراء وغيرهـم حسـب توجيهـات وتعليمـات مؤسّسـها الملـك عبدالعزيـز. وقـد عُـرِف عـن الملـك سـلمان المثابـرة والجـد والاجتهـاد فـي أداء الواجبات المدرسـية والمحافظة علـى الوقـت. كمـا عُـرِف عنـه طيـب المعشـر مـع الأسـاتذة والزملاء والإدارييـن فـي المدرسـة، إلـى جانـب ذكائـه وصبـره وقدرتـه علـى الحـوار مـع الآخريـن وهو لا يـزال في سـنّ مبكـرة. رؤية ملك قائد 37
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy NjYyNTc4